Репост из: مذكرات مجاهد..
#للنشر
◀️ || هل من مشمر للجنة ؟ || ▶️
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الجنة تنادي، والحور العين تتزين .. فأين المجاهدون الطالبون للشهادة ؟.
الإنسان بطبعه يحب الراحة ويسعى لها، لكنه قد يذهل عنها ويتيه عن موضعها الحقيقي.
الكل يعلم أن الدنيا فانية، لكن الناس مع ذلك يتهافتون عليها فيعيشون في كدٍ وتعب ونصب.
الدنيا ليست فقط فانية، بل هي كذلك مرهقة متعبة .. ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَد﴾ [البلد:4].
وأشد من يعاني هذا الكبد في هذه الدنيا هو المجاهد، فهو بين مقارعة الأعداء وخذلان الأقرباء ومخالفة الأحباء وبخل الأغنياء، وهو بين مشقة القتال وضيق الحال وفقر المال.
فأنى يجد المجاهد الراحة بين كل هذا ؟!
إن الراحة ليست هنا في الدنيا .. إنها في الجنة وحدها، وأما قبل الجنة فليس ثمة راحة.
هناك يحط المرء رحاله، بعد أن يكون قد التقى بحبيبه محمد ﷺ على حوض الكوثر وشرب من يده الشريفة.
ويالها من لحظة سعيدة ما أجملها .. أن تجد أمامك حبيبك رسول الله ﷺ ينتظرك على حوض الكوثر، فيطرب قلبك ويسعد فؤادك وتطير فرحاً، وتعانقه ويعانقك .. يالها من سعادة تغمر نفسك وتملأ كيانك وأنت تعانقه، حتى أنك لتتمنى لو أنه يمر الزمان وأنت لاتزال تعانقه، لولا أن خلفك أمة تنتظر حبيبها لتسعد به كما سعدت أنت .. شعور لا يمكن وصفه .. لكنك هناك ستشعر به .. وفقط هناك أيها المجاهد!
أما في الجنة فينتظرك ما لا تتصوره ولا تتخيله، مساحات شاسعة من الأرض مترامية الأطراف إلى ما بعد مد البصر، حدائق وأشجار وأنهار وبحار، وقصور وزوجات من الحور .. كل هذا لك .. لك وحدك.
كانت الأرض في الدنيا تراب رائحته كريهة، لكنها في الجنة تراب أبيض ناعم كالدقيق رائحته المسك، كانت الأرض في الدنيا حصى وحجارة، لكنها في الجنة حبات اللؤلؤ والياقوت .. تتجول في ملكك لا تكاد تصدق نفسك، فأنت تسير على تربة بيضاء ناعمة رائحتها المسك تتناثر عليها حبات اللؤلؤ والياقوت بأشكالها اللامعة وألوانها الجميلة الزاهية، في مشهد جمالي خلاب يأسر العين ويريح النفس.
هذا ترابها .. فكيف بقصورها ؟!
تنظر أمامك فترى حدائق خضراء واسعة مليئة بأشجار وزهور جميلة يانعة، قصور هنا وهناك .. قصور من ذهب وفضة تفوح من بينها رائحة المسك في ملاطها، وخيام من لؤلؤ مجوف، وغرف يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها .. ملك واسع يجري من تحته الأنهار .. من خارج القصر ترى داخله، ومن داخله ترى خارجه، تجلس فيه لترى مياه الأنهار تمر من أسفل أرضه، في بناء بديع أحكمه ربه.
في قصورك المختلفة تجلس زوجاتك من الحور العين .. ما أطيبهن وأحسنهن وأجملهن، لو عانقتك إحداهن أنستك كل الجنة ونعيمها بعناقها، فضلاً عن الدنيا وشقائها، لو قبلتك فكأنما ميتاً شرب أكسير الحياة، لو غنت لك كاد عقلك يطير من حسن صوتها.
خيول وفرسان .. نوادي يلتقي فيها الأحبة ليسرحون ويمرحون، جلسات مع الأنبياء والصديقين والشهداء، زيارات يملؤها الأنس ويغلفها الحب.
أعظم نعيم الجنة حين ترى ربك .. كم جلست تفكر في الدنيا في هذا الرب وفي قدرته عظمته وكبريائه فيطيش عقلك، كم تمنيت رؤيته كما تمنى موسى عليه السلام رؤيته .. الآن تتحقق لك هذه الأمنية العظيمة، الأن ترى ربك، الآن تشرق الجنة ويشرق وجهك بنور ربك .. الآن تحلق نفسك في سماء السعادة متنقلة بين أرجائها ثم تعود لتغوص في نفسك لتغمر كيانك بروح الإيمان العميق .. لولا أن الله كتب البقاء على أهل الجنة لمُتَّ من السعادة والفرح .. كل نعيم الجنة لا يوصف أمام هذه السعادة، لقد نسيت الأنهار والقصور والحور العين والملك العظيم .. نسيت كل هذا أمام رؤية الواحد القهار .. الآن تتذكر سعادة الدنيا الزائفة الزائلة .. أين ذهبت ؟، وماذا تساوي أمام هذه السعادة الحقيقة الباقية ؟ .. لا شيء!.
هذه الجنة .. فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
كيف السبيل لتلك الجنة، وأين بابها ؟.
إنه هناك .. في الثغور، حيث ظلال السيوف، حيث الخوف والبرد والفزع في سبيل الله، حيث الرباط والمرابطة والصبر والمصابرة، حيث التلذذ بالخوف والتعب في سبيل الله، حيث حياة القلب المستعد للقاء الله، حيث البعد عن حطام الدنيا ومفارقة فتنها .. حيث الخلوة مع الله.
هناك ينفرد المجاهد بنفسه ليختلي بحبيبه، يختلي بربه، فيتطلع إلى السماء فوقه يناجيه في سحر ليله .. يتطلع إلى السماء في صفائها وقد تزينت بنجومها لتدل على إبداع صنيع ربها، فيشرد ذهنه راكباً سفينة التفكر في خلق الله لتسبح نفسه في بحار التأمل تتقاذفه فيها أمواج الحب والإيمان، ليرسو به خياله الجامح في مقعده من الجنة، فتفيض عيناه مناجياً ربه: يارب متى ألقاك ومتى رضاك ومتى تاج الوقار ومتى الجنة؟ .. ينتظر مس القرصة ليلقى ربه شهيداً مجندلاً.
فهل من مشمر لهذه الجنة وهذا النعيم ؟.
مكتب الدعوة الداخلية
المركزية الشرعية العامة
|هيئة تحرير الشام|
◀️ || هل من مشمر للجنة ؟ || ▶️
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الجنة تنادي، والحور العين تتزين .. فأين المجاهدون الطالبون للشهادة ؟.
الإنسان بطبعه يحب الراحة ويسعى لها، لكنه قد يذهل عنها ويتيه عن موضعها الحقيقي.
الكل يعلم أن الدنيا فانية، لكن الناس مع ذلك يتهافتون عليها فيعيشون في كدٍ وتعب ونصب.
الدنيا ليست فقط فانية، بل هي كذلك مرهقة متعبة .. ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَد﴾ [البلد:4].
وأشد من يعاني هذا الكبد في هذه الدنيا هو المجاهد، فهو بين مقارعة الأعداء وخذلان الأقرباء ومخالفة الأحباء وبخل الأغنياء، وهو بين مشقة القتال وضيق الحال وفقر المال.
فأنى يجد المجاهد الراحة بين كل هذا ؟!
إن الراحة ليست هنا في الدنيا .. إنها في الجنة وحدها، وأما قبل الجنة فليس ثمة راحة.
هناك يحط المرء رحاله، بعد أن يكون قد التقى بحبيبه محمد ﷺ على حوض الكوثر وشرب من يده الشريفة.
ويالها من لحظة سعيدة ما أجملها .. أن تجد أمامك حبيبك رسول الله ﷺ ينتظرك على حوض الكوثر، فيطرب قلبك ويسعد فؤادك وتطير فرحاً، وتعانقه ويعانقك .. يالها من سعادة تغمر نفسك وتملأ كيانك وأنت تعانقه، حتى أنك لتتمنى لو أنه يمر الزمان وأنت لاتزال تعانقه، لولا أن خلفك أمة تنتظر حبيبها لتسعد به كما سعدت أنت .. شعور لا يمكن وصفه .. لكنك هناك ستشعر به .. وفقط هناك أيها المجاهد!
أما في الجنة فينتظرك ما لا تتصوره ولا تتخيله، مساحات شاسعة من الأرض مترامية الأطراف إلى ما بعد مد البصر، حدائق وأشجار وأنهار وبحار، وقصور وزوجات من الحور .. كل هذا لك .. لك وحدك.
كانت الأرض في الدنيا تراب رائحته كريهة، لكنها في الجنة تراب أبيض ناعم كالدقيق رائحته المسك، كانت الأرض في الدنيا حصى وحجارة، لكنها في الجنة حبات اللؤلؤ والياقوت .. تتجول في ملكك لا تكاد تصدق نفسك، فأنت تسير على تربة بيضاء ناعمة رائحتها المسك تتناثر عليها حبات اللؤلؤ والياقوت بأشكالها اللامعة وألوانها الجميلة الزاهية، في مشهد جمالي خلاب يأسر العين ويريح النفس.
هذا ترابها .. فكيف بقصورها ؟!
تنظر أمامك فترى حدائق خضراء واسعة مليئة بأشجار وزهور جميلة يانعة، قصور هنا وهناك .. قصور من ذهب وفضة تفوح من بينها رائحة المسك في ملاطها، وخيام من لؤلؤ مجوف، وغرف يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها .. ملك واسع يجري من تحته الأنهار .. من خارج القصر ترى داخله، ومن داخله ترى خارجه، تجلس فيه لترى مياه الأنهار تمر من أسفل أرضه، في بناء بديع أحكمه ربه.
في قصورك المختلفة تجلس زوجاتك من الحور العين .. ما أطيبهن وأحسنهن وأجملهن، لو عانقتك إحداهن أنستك كل الجنة ونعيمها بعناقها، فضلاً عن الدنيا وشقائها، لو قبلتك فكأنما ميتاً شرب أكسير الحياة، لو غنت لك كاد عقلك يطير من حسن صوتها.
خيول وفرسان .. نوادي يلتقي فيها الأحبة ليسرحون ويمرحون، جلسات مع الأنبياء والصديقين والشهداء، زيارات يملؤها الأنس ويغلفها الحب.
أعظم نعيم الجنة حين ترى ربك .. كم جلست تفكر في الدنيا في هذا الرب وفي قدرته عظمته وكبريائه فيطيش عقلك، كم تمنيت رؤيته كما تمنى موسى عليه السلام رؤيته .. الآن تتحقق لك هذه الأمنية العظيمة، الأن ترى ربك، الآن تشرق الجنة ويشرق وجهك بنور ربك .. الآن تحلق نفسك في سماء السعادة متنقلة بين أرجائها ثم تعود لتغوص في نفسك لتغمر كيانك بروح الإيمان العميق .. لولا أن الله كتب البقاء على أهل الجنة لمُتَّ من السعادة والفرح .. كل نعيم الجنة لا يوصف أمام هذه السعادة، لقد نسيت الأنهار والقصور والحور العين والملك العظيم .. نسيت كل هذا أمام رؤية الواحد القهار .. الآن تتذكر سعادة الدنيا الزائفة الزائلة .. أين ذهبت ؟، وماذا تساوي أمام هذه السعادة الحقيقة الباقية ؟ .. لا شيء!.
هذه الجنة .. فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
كيف السبيل لتلك الجنة، وأين بابها ؟.
إنه هناك .. في الثغور، حيث ظلال السيوف، حيث الخوف والبرد والفزع في سبيل الله، حيث الرباط والمرابطة والصبر والمصابرة، حيث التلذذ بالخوف والتعب في سبيل الله، حيث حياة القلب المستعد للقاء الله، حيث البعد عن حطام الدنيا ومفارقة فتنها .. حيث الخلوة مع الله.
هناك ينفرد المجاهد بنفسه ليختلي بحبيبه، يختلي بربه، فيتطلع إلى السماء فوقه يناجيه في سحر ليله .. يتطلع إلى السماء في صفائها وقد تزينت بنجومها لتدل على إبداع صنيع ربها، فيشرد ذهنه راكباً سفينة التفكر في خلق الله لتسبح نفسه في بحار التأمل تتقاذفه فيها أمواج الحب والإيمان، ليرسو به خياله الجامح في مقعده من الجنة، فتفيض عيناه مناجياً ربه: يارب متى ألقاك ومتى رضاك ومتى تاج الوقار ومتى الجنة؟ .. ينتظر مس القرصة ليلقى ربه شهيداً مجندلاً.
فهل من مشمر لهذه الجنة وهذا النعيم ؟.
مكتب الدعوة الداخلية
المركزية الشرعية العامة
|هيئة تحرير الشام|